يشير مصطلح ” الشركات الناشئة Startups” إلى شركة معينة تكون عادةً في المرحلة الأولى من تأسيسها أو في بداية عملياتها. الشركة الناشئة يتم تأسيسها من قبل فرد أو عدة أفراد يهدفون من تأسيس هذه الشركة إلى ابتكار أو تطوير خدمات أو منتجات معينة بهدف تقديمها إلى السوق.
دائماً ما تبحث هذه الشركات الناشئة عن تمويل ضخم ورأس مال كبير يمكّنها من مواصلة أعمالها، لأنها بدأت أصلاً بموارد محدودة. وبالتالي تبحث الشركات الناشئة عن المستثمرين من أصحاب رؤوس الأموال من أجل إقناعهم بتمويل الشركة والاستثمار فيها. بالمختصر فإن الشركة الناشئة لا تمتلك رأس المال أو الموارد المالية الكافية للانتقال إلى المرحلة التالية من أعمالها، لأن تمويلها الأساسي قام بإمكانات محدودة من قبل المؤسسين.
الشركة الناشئة هي مؤسسة صغيرة أسسها مجموعة أفراد بهدف تطوير منتجات أو خدمات مُبتكرة في ظل ظروف مالية بسيطة. ويُنظر إليها على أنها “التجسيد الواقعي لتحقيق الأحلام”. لأن الشركة الناشئة هي واحدة من الأماكن النادرة التي يمكن أن تتحول أحلام مؤسسيها إلى حقيقةٍ واقعة، هذا الحلم قد يتحول إلى حقيقة ليس فقط لمؤسسيها ولكن للعالم بأسره أيضاً.
كما ذكرنا، يبدأ تأسيس الشركة الناشئة من قبل فرد أو مجموعة من الأفراد بتمويل ذاتي، بهدف الاستفادة من الطلب على السوق من خلال ابتكار أو تطوير منتجات أو خدمات لم تكن موجودة ولكنها قابلة للتسويق وقابلة لأن تلقى القبول في الأسواق المعنية.
الشركة الناشئة – النمو كهدف أساسي
تهدف الشركة الناشئة منذ بداية تأسيسها إلى النمو والقدرة على التطور في أعمالها وابتكاراتها. وبالرغم من أن الشركات الصغيرة تستعد لأن تستمر صغيرة إلى الأبد إلا الشركة الناشئة لا تريد أن تبقى صغيرة، ولذلك فهي تبحث من بداية تأسيسها على المستثمرين ورؤوس الأموال من أجل ضمان استمرارها ووصولها إلى الأسواق العالمية.
الشركة الناشئة تعريفاً هي الشركة التي يكون لها أهداف للتطور والتوسع والنمو، ولذلك فهي تستخدم الابتكارات والطرق التكنولوجية في سبيل تحقيق ذلك من خلال تطوير منتجات وخدمات جديدة يحتاجها السوق. الهدف من تأسيس أي شركة ناشئة هو توسيع أعمالها ووصولها إلى العالمية خلال فترة قصيرة.
وكما أن المخترع يقوم بابتكار منتجٍ ما من أجل إيجاد حلٍ لمشكلة تواجهها البشرية، وكذلك الشركة الناشئة الناجحة التي تحاول أن تجعل العالم مكاناً أفضل. الشركة الناشئة تحل الكثير من المشكلات اليومية التي نواجهها، ولو كانت الشركة الناشئة لا تهدف إلى القيام بهذه الخطوة فهي ستبقى مجرد فكرة غير قابلة للتحقيق على أرض الواقع.
البداية الحقيقة وتاريخ مصطلح الشركات الناشئة
كما ذكرنا سابقاً، الشركة الناشئة هي نشاط تجاري تم تأسيسه حديثاً بإمكانات وموارد مالية محدودة ويمتاز بسرعة النمو وبيحث عن تمويل مالي ضخم من رجال الأعمال والمستثمرين. تهدف الشركة الناشئة إلى إيجاد حل لمشكلات أو تلبية متطلبات السوق عبر تطوير وابتكار منتجات أو خدمات تحتاجها مختلف قطاعات الأعمال.
معظم الشركات الناشئة تعمل في مجال ابتكار التكنولوجيا مثل الإنترنت، التسويق الإلكتروني، قطاع الاتصالات وغيرها. تعمل هذه الشركات على إجراء بحوث من أجل معرفة احتياجات السوق وتحديد المشكلات وإيجاد حلول من خلال ابتكار وتصميم وتطوير المنتجات والخدمات التي تساهم في جعل الحياة أسهل من حولنا.
مصطلح الشركات الناشئة لم يظهر حديثاً، لكنه انتشر فعلاً مع إنطلاق ثورة الإنترنت في أواخر تسعينات القرن الماضي. حيث تم في ذلك الوقت تأسيس عدد كبير من الأعمال والشركات عن طريق شبكة الإنترنت ولعل عملاق التجارة الإلكترونية “أمازون” خير دليل على ذلك. ظهور الإنترنت في تلك الفترة وبذلك الانتشار السريع أُطلق عليه “فقاعة الإنترنت” أو “فقاعة تكنولوجيا المعلومات”. ولعل سبب هذه التسمية هو ظهور عدد هائل من الشركات الجديدة التي تقوم أعمالها على الإنترنت فقط.
ثورة الإنترنت هذه أدت في ذلك الوقت إلى حدوث طفرة في البورصات العالمية وارتفعت أسعارها إلى أرقام قياسية غير مسبوقة. وهذا ما دفع العديد من المستثمرين إلى التوجه لوضع أموالهم في هذه الشركات الجديدة، والتي أصبحت فيما بعد شركات عالمية وأدرجت أسهمها للاكتتاب العام وأصبحت شركات ذات ملكية عامة مع مرور الوقت.
أول شركة ناشئة في العالم
قد يكون من الصعب القول أن الشركات الناشئة بدأت بالظهور مع عصر الإنترنت نهاية القرن الماضي، لأنه يبدو أن الشركات الجديدة بدأت بالظهور فعلاً بعد مرحلة الكساد العظيم في ثلاثينات القرن الماضي أو حتى قبل ذلك بكثير. لكن ظهور فقاعة الإنترنت ألقت الضوء بشكل واضح على هذه الشركات وأعطتها شعبية عالمية خلال فترات زمنية قياسية.
مما لا شك فيه أن أولى الشركات الناشئة التي ظهرت بعد عصر الإنترنت نجدها في وادي السيليكون في الولايات المتحدة الأمريكية. شركة IBM مثلاً ظهرت أول مرة في بداية القرن الماضي وتحديداً في عام 1911، ولكن في نهاية التسعينات نمت لتصبح واحدة من أكبر شركات الكمبيوتر والبرمجيات في العالم بفضل الانتشار الهائل لشبكة الإنترنت. وقد لا تكون هي أول شركة ناشئة بالفعل، لكنها بالتأكيد من أول الشركات التي قام عليها وادي السيليكون الذي أصبح فيما بعد موطناً للشركات الناشئة الأكثر شعبيةً في العالم.
شركة ألفابت المالكة لمحرك البحث الشهير جوجل قد تكون أفضل مثال على الشركات الناشئة التي ظهرت في وادي السيليكون بعد ثورة الإنترنت. تأسس موقع البحث جوجل في عام 1997 وأدى ظهوره إلى خلق أهمية سوقية للشركات التي تبحث عن زيادة انتشارها وشعبيتها. موقع جوجل هو مثال حقيقي وناجح عن الشركات الناشئة لأنه بدأ بمجرد فكرة وتطور إلى ما هو عليه اليوم.
إذاً، قد يكون عصر الإنترنت ليس هو بداية ظهور الشركات الناشئة ولكنه بالتأكيد السبب في انتشار هذا المصطح وزيادة شعبيته في جميع أنحاء العالم.
الشركات الناشئة في العالم اليوم
لم يعد ظهور الشركات الناشئة حكراً على وادي السيليكون في الولايات المتحدة، بل أصحبت ظاهرة عالمية انتشرت لتصل إلى معظم دول العالم ولاقت اهتماماً كبيراً سواءً على مستوى الدول والحكومات، أو على مستوى المستثمرين بمختلف مستوياتهم. مراكز نمو الشركات الناشئة اليوم وصلت إلى مدن عالمية كبرى مثل تل أبيب، ستوكهولم، برلين، لندن، بكين، طوكيو، هلسنكي وغيرها.
أهمية الشركة الناشئة وكيف تدعم الاقتصاد
الشركات الناشئة قد تكون صغيرة في بداية أعمالها ولكنها بالتأكيد تؤدي إلى تغييرات هامة في طريقة الحياة على الأرض ولها أيضاً تأثير كبير في خلق اقتصاد أفضل لكل دولة تدعم عمل هذه الشركات منذ تأسيسها. الشركة الناشئة تجبر الاقتصاد الموجودة فيه على التطور من خلال اعتماد التكنولوجيا الجديدة وتطبيقها في قطاعات عدة.
ابتكارات تكنولوجية
دائماً ما تكون الشركة الناشئة أكثر مرونةً وأكثر قدرة على ابتكار أفكار ومنتجات وخدمات جديدة تصل من خلالها إلى المستهلك المحلي والعالمي، كما أنها تُحفز غيرها من الشركات الناشئة على اتخاذ قرارات أسرع لتطوير أعمالها بهدف تحقيق النجاح.
لذلك تبحث الشركة الناشئة دائماً عن التمويل الحكومي أو تمويل المستثمرين حتى تستطيع المضي قُدماً في المزيد من الابتكارات التكنولوجية التي تساهم في حل مشكلات البشر اليومية.
أسواق جديدة
الشركة الناشئة الطموحة تعمل على الوصول إلى أسواق عالمية جديدة أو تعمل على دعم الأسواق المحلية من خلال جلب المزيد من الاستثمارات إلى الاقتصاد المحلي. التقنيات والابتكارات التي تقدمها الشركة الناشئة تُلهم المنافسين من أجل تقديم منتجات وخدمات جديدة، ولذلك فإن الاقتصاد يعمل على تطوير بنيته التحتية لمواكبة هذه التطورات المتسارعة.
فرص العمل
الشركات الناشئة تعتبر كما ذكرنا شركات عالية النمو وبالتالي فهي تخلق فرص عمل تؤدي إلى ازدهار في القطاع الخاص للأعمال. هذا الأمر يؤدي إلى إنخفاض معدلات البطالة ويؤدي أيضاً إلى ارتفاع الناتج الإجمالي المحلي للفرد، مع وصول هذه الشركة الناشئة إلى الأسواق العالمية.
كما تجذب الشركات الناشئة شريحة كبيرة من الخريجين الجامعيين والمهنيين أصحاب الخبرة الذين يبحثون عن فرص عمل ذات استمرارية ودخل عالي.
الوصول للثروة
عندما يتجه المستثمرين للرهان بأموالهم على الشركات الناشئة فإنهم سوف يستفيدون من نجاح أعمال هذه الشركات، وسوف يتقاسمون الأرباح معهم. كما أنه من خلال دعم الشركات الناشئة من قبل المستثمرين سواءً كانوا أفراداً أو حكومات، سيتم خلق إيرادات جديدة إلى الاقتصاد المحلي.
الشركات الناشئة من خلال تنافسها القائم على الإبداع والابتكار أصبحت عوامل حاسمة في تحريك عجلة الاقتصاد. وأصبحت الحكومات تعمل على تشجيع البرامج التي تركز على ريادة الإعمال من خلال إزالة العقبات البيروقراطية وتسهيل الاتصالات بين الشركات الناشئة وبين المستثمرين ورؤوس الأموال الضخمة. الشركات الناشئة أصبحت من أكثر القوى الدافعة للاقتصاد ويجب أن يتم دعمها والوقوف وراءها بهدف تعزيز الابتكار لجعل العالم مكاناً أفضل.